samedi 17 mai 2014

التجدد في حركة دول عدم الإنحياز



           التجدد في حركة دول عدم الإنحياز

١- نحن نعيش في نظام عولمة غير متوازن وغير متكافئ وظالم.

فمن ناحية يتمتع البعض بكافة الحقوق في الحصول علي موارد الأرض كلها لاحتياجاتهم بل لإسرافهم الحصري.
واما الآخرون فيجب عليهم تقبل هذا الأمر والرضوخ لمقتضياته حتي ولو علي حساب نموهم الخاص بل الي     درجة التنازل عن حقهم في الحصول علي المواد الغذائية الأولية او التعليم او الصحة او حتي مجرد العيش لشرائح عريضة من شعوبهم التي هي شعوبنا.
هذا النظام المجحف يسمي العولمة.

بل إن علينا أيضاً ان نقبل ان يكون للقوي المستفيدة من هذا النظام الظالم وهي أساسا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي - الشركاء في الحلف الأطلسي - أن يكون لهم الحق في التدخل عسكريا لفرض احترام حقوقهم المتعسفة في استغلال - او سرقة - ثرواتنا.
وهم يقومون بذلك بإدعاءات مختلفة مثل الحرب ضد الإرهاب، كما يطيب لهم. أو بإدعاء تحرير الشعوب من حكامهم المستبدين الدمويين. غير أن تدخلهم في العراق او في ليبيا مثلا اثبت فشلهم في إرساء الديموقراطية. وانما نجحوا في تدمير الدولة والمجتمعات في البلاد المعنية.
هم لم يفتحوا الطريق للتقدم و للديموقراطية وإنما هم أغلقوه.

يمكننا إذن أن نسمي حركتنا بأنها حركة دول عدم الإنحياز للعولمة.
وعلي ان أحدد بأننا لسنا ضد كل أشكال العولمة. ولكننا ضد هذا الشكل المجحف من العولمة الذي نحن ضحاياه.

٢ -  الإجابات التي نريد تقديمها لهذا التحدي بسيطة ويمكن صياغتها في مبادئ أساسية :

من حقنا اختيار طريقنا المستقل نحو التطور وعلي القوي التي كانت ومازالت مستفيدة من هذا النظام أن تقبل وأن تتوافق مع متطلبات تطورنا. التوافق يجب أن يكون متبادلا وليس حكرا علي طرف واحد.
ليس علي الضعفاء ان يتوافقوا مع متطلبات الأقوياء بل علي العكس يجب ان نطالب الأقوياء بأن يتنازلوا من أجل توفير إحتياجات الضعفاء . فإن مبدأ العدالة قائم علي رفع الظلم وليس علي إدامته.
من حقنا إذن ان نطبق مشاريعنا التنموية السيادية وهذا ما يرفضه لنا فطاحل العولمة

مشاريعنا التنموية السيادية  يجب أن تصمم من أجل السماح لبلادنا وحكوماتنا بأن تسير نحو التصنيع بالشكل المناسب لها وفي إطار البنية القضائية والإجتماعية التي تختارها، والتي تسمح لنا بإلتقاط الكنولوجيا الحديثة ثم تطويرها بأنفسنا بما يلاءمنا.
مشاريعنا يجب أن تصمم من أجل ضمان إستقلالنا الغذائي وأن تسمح لكل طبقات شعوبنا بأن تستفيد من التطور لوضع حد للفقر المدقع الموجود حاليا.
تطبيق مشاريعنا السيادية يحتم ان نعيد إكتساب استقلالنا الإقتصادي. ليس علينا نحن أن نتوافق مع عملية النهب المالي الذي تستخلص ريعه الأكبر مصارف القوي الإقتصادية المهيمنة علي العالم. بل إن النظام المالي العالمي هو الذي يجب أن يرضخ وان ينصاع لمتطلبات سيادتنا.
نحن نملك الحق في أن نقرر معا طرق تطورنا ووسائل تعاوننا بين الجنوب و الجنوب لتحقيق نجاح مشاريعنا السيادية التنموية .
  
٣- يجب علي حركتنا وباستطاعتها ان تعمل داخل منظمة الأمم المتحدة لاستعادة حقوقها التي سلبها نظام العولمة الظالم والمسيطر حاليا.
فهناك الآن ما يسمي ب" المجتمع الدولي" الذي نصب نفسه بديلا عن منظمة الأمم المتحدة. ولا تكف وسائل إعلام القوي المهيمنة عن ترديد أن " المجتمع الدولي يعتقد كذا وكذا " أو أن " المجتمع الدولي قد قرر ذاك وذاك".
وبالنظر عن قرب نجد أن هذا " المجتمع الدولي " يتكون من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي ودولتين أو ثلاث منتقاة بعناية من قبل السابقين مثل المملكة العربية السعودية أو قطر!
هل هناك إهانة اشد من ذلك لشعوبنا؟ الصين والجزائر ومصر والسنغال وأنجولا وفنزويلا والبرازيل وتايلاند وروسيا وكوستاريكا وغيرهم الكثير، لم يعد لهم وجود. ولم يعد بإمكانهم إسماع صوتهم ضمن المجتمع الدولي.

نعم، نحن نحمل مسؤولية كبيرة داخل منظمة الأمم المتحدة - حيث نكون مجموعة عددية متفوقة - من أجل فرض إستعادة حقوق منظمة الأمم المتحدة في أن تكون الإطار الوحيد المقبول للتعبير عن رأي المجتمع الدولي.

٤- نستطيع الآن أن نلقي نظرة علي ماضينا الذي يمنحنا درسا جميلا لما كنا عليه وما ينبغي أن نعود اليه من جديد.

تكونت حركة دول عدم الإنحياز في عام ١٩٦٠ علي نهج مؤتمر باندونج لعام ١٩٥٥ لتثبيت حقوق شعوبنا وبلادنا في آسيا وأفريقيا والتي لم يكن معترفا بجدارتها كشريك متكافئ في إعادة بناء النظام العالمي.

لم تكن حركتنا نتيجة ثانوية للصراع الدائر  بين القوتين العظمتين آنذاك - الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي - كما يريدون أن يوهمونا الآن.
في صبيحة الحرب العالمية الثانية كان الجزء الأعظم من آسيا وأفريقيا مازال يرزح تحت الإحتلال الغاشم. وكانت شعوبنا مازالت رهينة مقاومة جبارة من أجل استرداد إستقلالها سواء سلميا أو بحروب التحرير اذا اقتضي الأمر.
وبعد حصولنا علي الإستقلال وإعادة بناء حكوماتنا وجدنا أنفسنا في صراع مع النظام العالمي الذي أرادوا أن يفرضوه علينا وقتها.
فجائت حركة دول عدم الإنحياز لتنادي بحقنا في اختيار مناهج تطورنا وطبقت هذا الحق وأجبرت القوي العظمي آنذاك علي الإنصياع لمتطلبات التطور الخاصة بنا.
وقد قبلت بذلك بعض قوي هذه الحقبة. ورفضته قوي أخري.
القوي الغربية متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي شكلت فيما بعد الإتحاد الأوروبي - والتي كانت مشتركة منذ عام ١٩٤٩ في الحلف الأطلسي - لم تخفي أبدا عداءها لمشاريعنا التنموية المستقلة.  فحاربونا بكل الوسائل المتاحة لهم.
وقوي أخري، علي رأسها الإتحاد السوفيتي، انتهجت طريقا آخر باتجاهنا.
لقد قبلت بل وساندت أحيانا مواقف حركة دول عدم الإنحياز. وساعدت القوة العسكرية للإتحاد السوفيتي آنذاك في الحد من احتمالات العدوان من قبل بعض الذين كان ينتابهم الحنين للإستعمار والذين أصبحوا اليوم مدافعين مخلصين عن النظام الدولي الظالم.

 نستطيع القول إذن بأنه حتي ولو لم يعد العالم اليوم مشابها لعالم ١٩٦٠ - وهذه حقيقة بديهية - فإن حركة دول عدم الإنحياز التي كانت موجودة منذ ستين سنة كانت من وقتها حركة عدم انحياز للعولمة التي كانوا يريدون فرضها علينا في ذلك الوقت. 

٥ - أنا أنتظر الكثير من المؤتمر الوزاري لحركة دول عدم الإنحياز المزمع عقده في الجزائر من ٢٦/٥ الي ٢٩/٥ القادم. فهذا مؤتمرنا ومؤتمر شعوبنا وحكوماتنا. يجب أن يدفعوا بنا إلي الأمام لإستعادة حقوق متساوية لجميع الدول في مشاركتها بإعادة بناء عولمة عادلة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire